القائمة الرئيسية

الصفحات

العجوز تتابع خمسينية الشتاء #تراث_الفرات

 

العجوز

تتابع خمسينية الشتاء سيرها قدما لتصل إلى سعد السعود بعد ان سقطت جمرة الهواء وتستعد لإسقاط جمرة الماء لكن تعترض هذا المسير بعض الأشياء لابد من التكلم عنها فغدا وقبل ان يبدأ سعد السعود اي في 25/2 تبدأ المستقرضات او مستقرضات الروم او الحسومات او برد العجوز ولها تسميات كثيرة وكل مسمى له قصة فتسمية الحسوم مستوحات من القصة القرآنية عندما سلط الله سبحانه وتعالى البرد والايام النحسة على قوم عاد بقوله تعالى في سورة الحاقة، (وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ). والمراد بالآية: العذاب الذي نزل بقوم عادٍ بسبب كفرهم وتكذيب الرسل. ونُسبت للعجوز لأن عجوزًا من عاد دخلت سربًا فتبعتها الريح فقتلتها في اليوم الثامن.


والمستقرضات نوعان لدى اخوتنا المسيحيين وهن مستقرضات الموارنة ومستقرضات الروم الأرثذوكس وتواريخهما مختلفة ففي حين أن مستقرضات الموارنة توافق على تاريخ 25 /2 حسب التقويم فإن مستقرضات الأرثذوكس تتاخر 13 عشر يوما اي الى 9/3 لان التقويم الشرقي يختلف ب 13 يوما ويتعارض الطرفان في هذا الموضوع كثيرا ففي حين أن الموارنة يلبسون الشتوي ويتناولون المشروبات الساخة يعارضهم الأرثذوكس ويلبسون الملابس الصيفية ويتناولون المشروبات الباردة والبوظة حتى وإن كان الجو باردا والعكس صحيح أي ان الموارنة يقومون بنفس الأفعال عن حلول مستقرضات الأرثذوكس 

أما برد العجوز وهو اﻷساس في كل مانتحدث عنه لأن الموروث الشعبي تحدث كثيرا عنه والعجوز وكبار السن تبقى ويبقون محور هذه القصة ومنها أتت التسمية .

سُميت بـ"أيام العجوز" لأنها في جميع قصصها الخرافية تدور حول حكاية عجوزٍ كبيرةٍ في السن، استهانت بمطر شهر شباط وبرده، "ومن برد شباط بتتلفع العجايز في البساط". وقيل لأنها تأتي في عجز الشتاء، وفي اللغة: آخر كل شيء هو عجزه.

أما تسميتها بالمستقرضات فقد جاءت لأن شهر شباط استقرض عدة أيامٍ من شهر آذار، "مِثل شباط يعير وبستعير ويضل ناقص".

وهي7 أيام أربعة منها آخر شهر شباط/فبراير وثلاثة في بداية شهر آذار/مارس، تتميز بشدة البرد.

وتقول إحدى قصص الموروث الشعبي، إلى عجوز لديهاأغنام خرجت ترعى بها في أحد الأودية خلال الأيام الأواخر من شهر شباط ولم تهطل خلالها الأمطار وكان الجو صافياً ودافئاً وبدأت تردد "فات شباط الخباط وما أخذ مني لا نعجة ولا رباط، وضربنا على ظهره بالمخباط".

والمخباط عبارة عن قطعة خشبية كان القدماء يستخدمونها لتنظيق الصوف".

وتحكي القصة أن شهر شباط غضب من كلماتها وأحس بالإهانة وكلم شهر آذار واستنجد به من العجوز فقال " يا آذار ياابن عمي ثلاثتك مع أربعي نخلي العجوز بالسيل تغني" وأعنه آذار بالأيام وهطل المطر بغزارة وازداد البرد مما أدى الى أن تسيل الأودية وتجرف العجوز وأغنامها.

وعيه بدات العجوز تصرخ وتقولعن أغنامها:  "يا سيل درجهن على مهلهن معاشير ليرمن بهمهن"، والمقصود أن العجوز بدأت بالصراخ حزناً على أغنامها التي جرفها السيل وكانت في موسم التكاثر.

ويعتقد أن القدماء كانوا يُخدَعون من دفء بعض الأيام في شهر شباط/ فبراير، خاصة في الأيام الأخيرة منه والأيام الأولى من شهر آذار/مارس، فيخرجون إلى الوديان من أجل الرعي إلا أن تقلبات الطقس تفاجئهم بهطول غزير للأمطار يؤدي لتشكل السيول التي تجرف معها بيوتهم ولهذه الأيام السبعة أسماء عند العرب وهي: صن (لشدة البرد) صنبر (يترك الأشياء متجمدة قاسية من البرد) آمر (يأمر الناس بالحذر منه ) مؤتمر (يأتمر بالناس بالشر والأذية) وبر (يمحي الآثار من شدة المطر والبرد) معلل (يعلل الناس ويمنيهم بتخفيف البرد) مطفئ الجمر (من شدة البرد وبعده لا يوقد جمر لارتفاع البرد).

وكان العرب يعتبرونها أيام نحسٍ فكانوا يتشاءمون منها ويحذرون منها ويقولون عنها أيام (الحسوم) وكانوا يتجنبون فيها الزواج والتجارة. كما ان الرجل لا يجامع زوجته لإعتقاده بأن الجنين سيكون مشوهًا وكذلك فإن الأشجار التي تزرع في تلك الفترة لا تثمر. ولذا قالوا: "ما حَلال بيدوم إلا بعد الحسوم"

و من الإضافات الأخرى للحكاية أنه كان للعجوز حفيد من ابنها وحفيد من ابنتها وكانت تميل لابن ابنتها ( ابن الحبيبة) أكثر من ابن كنتها ( ابن العدوة ) فاستنجدت بابن الحبيبة لينقذ غنمها من السيل فلم يكترث لأمرها فيما هرع ابن كنتها لمساعدة جدته التي تستغيث  دون أن تطلب منه ذلك فأنقذها و أنقذ أغنامها فقالت :"ابن الحبيبة عدّا وخلاني وابن العدوة قطع البحر مشاني"

وهناك رواياتٍ اخرى نورد بعضًا منها:

1- رأت أحد العجائز ارتفاع درجات الحرارة وتحسنَ الجو في شهر شباط فطرحت الثياب الثقيلة عنها فباغتها البرد فماتت ولذا قيل بأن "برد شباط عدو العجائز".

2- قيل بأن عجــوزًاكانت تخبر قــومهــا ببــرد سيقع في هذه الأيام فلم يهتموالقولها حتى جاء البردفعلاً فأهلك زرعهــم وضرعهم فسميت برد العجوز.

3- يُحكى أن العرب جزت الأصواف والأوبار مؤذنة بالصيف وقالت عجوز منهم لا أجز حتى تنقضي هذه الأيام فإني لا آمنها فاشتد البرد بها، وأضر بمن قد جزّ وسلمت العجوز بما تملك.

كما أن هناك رواية بأن العجوز هي من عجلت بجز الصوف لحاجتها إليه فجاء البرد وموّت غنمها إذ كان لديها سبعةٌ من الماعز ماتت في كل يوم واحدة ولذا تسمى عند بعض العرب "أيام العنز" ولذلك قالو في المثل الشعبي

"لا تعد غنماتك يا راعي تا يمرق التسعاوي"أي حتى تمر الأيام السبعة إضافةً ليومين آخرين.

4- وهناك قصة عجوزٍ كانتٍ بالجاهلية عندها ثمانية أولاد طلبت منهم أن يزوجوها وألحّت عليهم فتآمروا فيما بينهم وقالوا: إن قتلناها لم نأمن عشيرتها ولكن نكلفها البروز للهواء سبع ليالٍ لكل واحد منا ليلة فقالوا لها إن كنت تزعمين أنك شابة فاخرجي في الهواء سبع ليال فإن استطعت سنزوجك بعدها. 

فخرجت للهواء، ولما أصبحت قالت: "يا بنىّ إننى لناكحة وإن أبيتم إننى لجامحة هان عليكم ما لقيت البارحة". فقالوا لها لا بد أن تنجزي وعدك في الليالي السبع ففعلت وماتت في الليلة السابعة ونسب العرب إليها برد الأيام السبعة

6- وقيل بأن عجوزًا كانت لها بقرة واحدة، وقد أغراها نهار شباط الدافئ فتركت بقرتها في المرعى (المراح) حتى اليوم التالي فوجدتها ميتة من البرد، فقالت: (لا تقول شباط راح شباط نايم بالمراح).

ومن بين جميع هذه القصص تبقى القصة الأشهر هي حكاية العجوز التي فرحت بانتهاء شباط دون أن تتأذى منه وراحت تُعَيّره وتسبُّه

وهي القصة التي تعتمدها الذكرة الفراتية وقد حفظت لنا الذاكرة الشعبية عشرات الأمثال عن ذلك

"أجا شباط وراح شباط وحطينا بظهرو المخباط"

 "فات برد شباط لا أخذ غنمه ولا رباط وضربناه في المخباط". 

"راح شباط وضربناه بالمخباط، وبروح آذار وبنضربه بالمقحار".

"آذار يا ابن عمي أربعة منك وثلاثة مني نخلي دولاب العجوز ع المية يغني".

"آذار يا ابن عمي أربعة منك وثلاث مني تا نخلي واد العجوز يغني". 

"آذار يا ابن عمي أربعة منك وثلاثة مني بنخلي الصبية تحرق قبقابها والعجوز تشعل دولابها وتنضب ورا بابها".

"إجا شباط  وراح شباط،وحطّينا بقفاه مِخباط"

"يا آذار يا بن عمي 4 منك و3 مني، تا نخلّي العجوز دولابها يغني".

لقد حفل التراث العربي كله بقصص العجوز لكن تبقى الأشهر القصة تلك القصة التي اعتمدها الفراتيون عن العجوز التي فرحت بنهاية شباط قائلة (شباط اللباط حطينا بيه المخباط سلمت على شيبتي ودويبتي وسمينتي فغضب شباط وقال آذار يابن عمي ثلاثة منك واربعة مني نخلي قفا العجوز يغني ننتف شويبتها ونموت دويبتها وناكل سمينتها).

سبب الشهرة أن الحضارة بدأت على ضفاف الفرات 

ويبقى البرد الذي يأتينا بآخر شهر شباط وأول آذار  حقيقة نسجت حولها الحكايا والأساطير والقصص الشعبي حتى أن العجائز قديما في بعض المناطق كالساحل السوري لايخرجون من البيت في ايامها كما أن المسيحيون يفعلون هذا ويتعبدون ويوقدون الشموع ويرفعون الصلبان على أبواب المنازل خوفا من برد العجوز واعتقادا بصحة الأساطير ولله في خلقه شؤون 

هناك كلمات ربما لايعرف البعض معناها

المخباط : هو العصا التي ينظف بها الصوف

الدولاب  : هو نول الحياكة


بقلم المهندس: عبد التركي

#نراث_الفرات

author-img
نقدم المواد المخصصة بتراث الفرات

تعليقات