تحتفظُ مناطق حوض الفرات بعاداتٍ وتقاليدٍ شعبية خاصّة في
شهر رمضان الكريم
عاداتٌ رمضانية تُنعِشُ الصائم في
هذا الشهر المبارك
حيثُ يبدأ اليوم الرّقي عند أهالي المدينة بفتحِ المحال التجارية
ومحالِ الخضروات والفواكه والمعجنات للاسترزاق , امّا أهل
البيتِ فيقومون بتفقدِ اغراض المنزل وتعزيلِه “تنظيفهُ” واختيار
طبخة اليوم وطلب حاجات المنزل من ربِّ المنزل ليأتي بها
أمّا عن الحياةِ السوقية فهي جميلةٌ جدا حيثُ يقوم بِضعُ شبانٍ
بفتح بسطة على جانبِ الطريق لبيع السوس والتمر هندي
بالإضافة الى الجلّاب وهو مشروبٌ محليُّ الصنع شبيهُ شراب
التوت,فهذهِ المشروبات هي الأكثرُ أهميةً في شهرِ رمضان
المبارك لدى أهالي الفرات
لكن ليسَ هذا كل ما يفعلهُ بائع
السوس بل إنه يقوم بالمناداة على المشروبات بجملٍ جميلةٍ جداً حيثُ أنه يجبركَ على
الشراءِ من عنده بطريقةٍ لا شعورية وهذا عِندما تسمعُ جملهُ الجميلة جداً فمثلاً
يقولُ عن مشروبِ السوس ” شفا وخمير يا عرق سوس , بارد وخمير آتهنى يا عطشان ” وعن
التمر هندي ” يا حنه يا تمر هندي يا أطيب مشروب عندي ” وعن الجلّاب يقول ” اشرب
جلاب , والله هالجلاب يروح العذاب ” وهكذا يبقى بائعُ العرقسوس متجولاً في أزقةِ
مدينتي ينادي بصوته الحنون على منتجاته اللذيذة .
أما عن فترة العصر فهذهِ من أجمل الفترات في شهر رمضان
عِندَ
أهالي المدينة ففي هذهِ الفترة يقومُ أهالي المدينة بالذهابِ إلى
الفرات,والمعروف في مدن الفرات باسم ” الفرا ” هُنا في هذا
المكان الخيالي الرائع تحديداً على ضفافِ الفرات مهما كنتَ حزيناً
وتعيسًا ومكتئبًا سينتابكَ شعورٌ بالفرح الهائل,ستفرحُ كثيراً
بأجواءِ الفرات وطقوسهُ المميزة
أما عن الشباب والأطفال فهذهِ أفضلُ التسالي وأجملُ الأوقات لديهم حيثُ يقوم شابٌ ناضجٌ بالصعود على الجسر أو على قوامِ الجسر والتي تسمى في مدينتي
” الدنگة ” ومن ثم القفز من على الجسر للمياه فأما
أن يقفزَ على رأسهُ أو يقفز بأقوى التقلبات والحركات الفنية والتي يتمتعُ بها كلُّ
فراتيٍ , وفي مرحلةٍ أخرى يقومُ عدة شبانٍ ماهرين بتحدي قطعِ الضفة الى الجهةِ
الأخرى وهذا يكونُ بتشجيع من الأهالي المتواجدين , أمّا عن المرحلة الثالثة وهي
الأصعب يقومُ شابٌ بالصعود على الجسر و من ثم يقوم بقذفِ قطعةٍ نقدية على الماء
ويطيرُ بالقفزِ من على الجسر إلى الماء والغطسُ تحتها ومن ثمَّ يأتي بالقطعةِ
النقدية لأصدقائِه الذين تحدوه على فعلِ ذلك .
ولهذا يُسمون باقي المدُن السورية أو
البلدان الأخرى حتى كل فراتيٍ ” بالشبوط ” لأنهُ إذا كان مِن الفرات فهذا يعني
أنهُ سباحٌ ماهرٌ ,وهذا لا يعني أنهُ فقط شبوطٌ جميل بل إنهُ كريمُ الطبع , وطيبُ
الأخلاق, وإنهُ ممزوجٌ بكل الأطباعِ الحسنة أيضاً ,كلُّ هذا فقط لأنهُ شرِبَ من
مياهِ الفراتِ المقدسة .
وها نحنُ ذا أنهينا طقوسَ السباحة على ضفافِ
الفرات وسنعودُ إلى المنزل .
وبعدَ كلّ السباحة الشاقّة التي
مارسها أهالي المدينة في فترةِ العصر بالتأكيد أنهم سيعودون إلى البيتِ منهكين
ومُتعبين ,ولكن عِندما يعودون إلى البيت لنّ ينسوا
” معروكةَ رمضان المحشوةِ بالتمر الطازج ,والسوس ,
والتمر هندي ,والجلاب ” فهذهِ الأشياءُ من قواعد السفرة الرمضانية لدى أهالي
المدينة
.
وهكذا ينتهي اليومُ الرمضاني لدى
أهالي الفرات , بأذانِ المَغرِب وأندلاعِ صوت المدفع ” الطوب ” ونسيمُ الضفاف مع
أصوات الأحبة , وكأسُ الشاي على أنغامِ الموليّة .
#مقالة
#اجواء_اليوم_الرمضاني
#تراث_الفرات
تعليقات
إرسال تعليق