القائمة الرئيسية

الصفحات

#الهبـــرية #تراث_الفرات

 


تعتبر "الهبرية" من الأزياء التي لا تزال تحافظ عليها المرأة في ريف "دير الزور" كغطاء للرأس

مع وجود اشكال أخرى من أغطية الرأس المستخدمة كالملافع والحجاب والإشارة أو الإشابة كما يسميها البعض أو الشاشية 

ولكننا سنركز اليوم على الهبرية كواحدة من الأغطية وربما نفرد مساحات في مقالات للأنواع الأخرى :

والهبرية تختلف بالشكل واللون من مكان لآخر ومن جيل لآخر لتعبر عن الحالة الاجتماعية للسكان.


الهبرية في اللغة :

معنى كلمة "الهبرية"كان لها معاني كثيرة ومنها "الهبرية" تعني في اللغة 

 هي إسم

هبرية الرأس : قشرة الرأس ومايتعلق بأسفل الشعر من غبار

والهبرية : ما طار من زغب القطن أو طار من الريش، وما تناثر من القصب والبردي ،وتلبد بأسفل الشعر مثل النخالة ويعرف بقشرة الرأس، 

وقد استنبط اسم الهباري او الهبرية من هذه الكلمات والمعاني لانها رقيقة وتوضع على الراس وتستخدم هذه المفردة في الريف الفراتي عموماً، والديري خصوصاً كمرادفة  كما هو معروف لأحد أشهر الأزياء النسوية الفراتية عموماً في الماضي، والذي يستخدم كعصابة على الرأس .

الأساس التاريخي لغطاء الرأس:

ظهر الحجاب في العصر الآشوري لتمييز المرأة الحرة المتزوجة التي يجب أن تضع غطاء الرأس والمرأة التابعة وغير المتزوجة التي يجب أن تكشف رأسها. الحجاب لم يكن يحمل دلالات دينية، كما في الديانات التوحيدية اللاحقة، ولم يميز هذا القانون بين المرأة الحرة والأمة وحسب، وإنما بين المتزوجة وبين غير المتزوجة.

وقد تكون زوجة أحد ملوك "ماري" من بين أول من وضعن غطاء الرأس في أعراسهن كنوع من الزينة.

ومن الناحية الأثرية فقد وجدَ في مملكة "ماري" الأثرية وثائق عن تميز المرأة المتزوجة وغير المتزوجة في الزي، فالأولى ترتدي غطاء للرأس في تفريق لها عن غير المتزوجة وهذا الغطاء يسمى "الآكادية" أو "كتوم"، ومما يدل على ذلك وفق الوثائق الأثرية وضع غطاء لرأس العروس "شيبتو" زوجة الملك "زمري ليم" من قبل موفدي الملك وذلك ضمن مراسيم الزواج التي تمت في قصر "يارليم ليم" كما أن مغنيات المعبد كن يرتدين هذا الغطاء على روؤسهن


غطاء الرأس التقليدي في وادي الفرات:

يتمثل غطاء الرأس التقليدي في وداي الفرات بشكل عام و"دير الزور" خصوصا 

بالنسبة للعازبات بقطعة ملونة تعرف "بالعصبة أو الهبرية" وهي وشاح حريري يستر شعر الرأس بحيث لا يظهر منه سوى الوجه

والعصبة هي تاج المرأة في الريف ومناطق حوض الفرات

فبعد أن تنتهي من ارتداء ثيابها تبدأ بتثبيت العصبة على رأسها بطريقة فنية تأخذ منها وقتاً طويلاً كي تبدو بشكل لائق،وقد تستعين المرأة بصديقتها أو إحدى جاراتها لتعصيب رأسها ممن لديهن مهارة في هذا المجال والصبية التي لم تتجاوز ربيعها الخامس عشر تستعين بأمها والتي تقوم بتدريبها حتى تتقن الطريقة بنفسها

العصبة في الشعر والغناء:

لقد تغنى الشعراء والمغنون بالعصبة أو "الهبرية" في الغناء الشعبي حيث قيل فيها على سبيل المثال :

شطف جوز الهباري وناحت الروح

ولا تحسبون غيركم يسكن الروح

من يومٍ فارقناكم فاضت الروح 

يمته نرجع للفرات ويلمنا

وقيل أيضا :

شطف جوز الهباري انحدر ورّاد

ونسف جوده على الجتفين ورّاد

ثم قالوا:

شطف جوز الهباري ما جفاني 

يا شوف العين منهن ما جفاني

أنا الوجعان هاتولي جفانِ حدر من تحت زيج الثياب

وكذلك قالوا:

شطف جوز الهباري على طول 

وحزن من يومن فارقنّا على طول

حبيبي لا تطول السفرة على طول

تروح بساع وترد لي الجــواب

كما كان للهباري نصيب من الموليا الفراتية حيث قيل فيها :

يا ريمتي فرعي كوري العصابة كور 

تسوين كل من خبز على الصاج والتنور

تسوين كل قرايا حلب والشام واسطنبول والموصل المعتبر وديار بكريا

كما قيل ايضا:

ياريمتي فرعي ردي العصابة رد

 من يوم فرق الحلو عقلي شرد ما رد

وإن كان ياريمتي بهوشه وأخذ ورد 

لضرب حليلج بسيف وأخذك ليا

كما قالوا:

رحنا نتصيَّد قطا ونسمع نغيط الوز 

ياللابسات الهباري فوق ثوب القز 

ريت الحرمني الولف ينام نوما فز 

ويموت جنب وجنب والكفن عليا



طريقة لبس العصبة:

توضع "الهبرية" على الرأس بما أنها من الحرير الخالص فهي شفافة وناعمة الملمس ورفيعة بالنسبة لقوام الأقمشة بشكل عام

تضع المرأة العصبة وتطويها وتلفها على رأسها فتصل مقدمة العصبة إلى أعلى جبين المرأة وتغطيه وتطوى من جانبي الرأس بشكل لولبي ويشد طرفا العصبة إلى مؤخرة الرأس فيضفي شكل العصبة على وجه المرأة الأناقة والجمال حيث تتدلى تحتها الجدائل تسمى "كذلة" وفي غناء "الميمر" من الموروث الشعبي الفراتي قيل:

ما مرّ علينا بو كذيلة ما مر

حاير أحب الحنج لولا المنحر‏

يم الخديد الوردتين الجنة‏ عجوز ما ترضى بشغل الجنة


أشكال وانواع الهباري:

"للهبرية" أشكال وألوان متعددة فعندما ترتدي المرأة المسنة "عصبة حمراء" يكون لديها نذر في مسألة ما وتبقى على رأسها بهذا اللون لمدة أسبوع أو شهر حسب المدة التي حددتها في نذرها 

أما المرأة العجوز فترتدي عصبة سوداء ذات إطار أبيض، أما المتزوجات عصبة بلون الهبرية ذات القطعة الواحدة أسود فقط،على عكس العصبة الملونة التي ترتديها الفتيات.

وقد أكد بعض الباحين في تراث وادي الفرات  ان أول ما تعنى به المرأة الفراتية لباس الرأس لتغطي شعرها وتبرز جمال وجهها وهو العصبة وهي عبارة عن منديل متسع تطويه طياً خاصاً وتعصب به رأسها بشكل خاص

يبدو من الأمام على هيئة التاج فوق مفرقها وهي أشبه بالعمامة والعصبة الموجودة الآن قديمة في وادي الفرات وقد أرجعها بعضهم إلى العصر العباسي،وتنفرد به المرأة الفراتية من سائر السوريات.

انواع الهباري وغطاء الرأس الذي استخدمته المراة الديرية:

لبست المرأة الديرية أنواعاً من العصائب منها محرمة قطنية مدققة حمراء من أربع فجج، وهناك عصبة "عبده وجرغد" وهي عصبة كبيرة فجة واحدة خمرية اللون وكفية ساعورية، وهناك عصابة سوداء تأتي من حلب، وأشهر العصائب عصابة "دوسة المهرا" وهي عصابة سوداء مقصبة، وعصابة "عجاج الخيل" وهي سوداء وبيضاء وكل منها ذات شراشيب، وعصابة "الهباري رقاب الحمام" من الحرير الرقيق مؤلفة من أربع قطع خمرية اللون وكانت تعلق بأطرافها أباريق فضة صغيرة تسمى "دنانات" لتتدلى من خلفها، وغالباً ما يكون لباس رأس الصبايا منديلاً مشغول الأطراف بالخيط أو البربر أو حبات عقود الخرز النمنم او مايسمى عند الديريات بال أويا وهناك نساء متخصصات بعملها وقد تكون انقرضت .


صناعة الهباري:

فيما يتعلق بصناعة "الهباري" الأصلية، 

فإنها جميعها من الحرير الطبيعي، ويتم نسجها بواسطة النول اليدوي، ومن ثم تتم صباغتها بألوان محددة، وغالباً ما تكون ألواناً زاهية تدلُّ على الفرح، فهناك "الهباري" ذات اللونين الأزرق والأصفر، ومنها ما هو أحمر داكن أو فاتح، وعليها أحياناً رسوم نباتية منها ورق "العنب" وعرق "الفستق" وغيرها

 «وتروي الكتب التاريخية أنَّ السوريين كانوا سادة صناعة اللباس، فقد استطاعوا في أواخر الألف الرابعة ومنتصف الألف الثالثة قبل الميلاد أن يجوبوا البحار ويحملوا صناعاتهم ومنتجاتهم كالمنسوجات والأصبغة والحبوب والخمور والزجاج وغيرها إلى أكثر بقاع العالم، وأول المصادر التي تتحدث عن الأزياء في سورية لا يتجاوز تاريخها الألف الثالث 2300ق.م.

الهباري وأصولها وطريقة لبسها تحتاج للكثير من البحث والجهد والتأصيل للحديث عن كل جوانبها لعلنا في هذه المقالة استطعنا أن نخيط ببعض هذه الجوانب متمنين عليكم الإضافة والتماس العذر لنا لعلنا قد نسينا أو اخطأنا أو أغفلنا بعض مايخصها 


اعداد وتنسيق 

المهندس: عبد التركي 


#مقالة_تراثية


#الهبـــرية


#تراث_الفرات

author-img
نقدم المواد المخصصة بتراث الفرات

تعليقات